سورة النساء - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


قوله تعالى: {واللذان} قرأ ابن كثير: {واللذانِّ} بتشديد النون، {وهذانِّ} في طه والحج {وهاتينِّ} في القصص: {إِحدى ابنتيَّ هاتينِّ} و{فذانِّك} كله بتشديد النون. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، بتخفيف ذلك كله، وشدد أبو عمرو {فذانِّك} وحدها.
وقوله: واللذان: يعني الزانيين. وهل هو عام، أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه عام في الأبكار والثُّيَّب من الرجال والنساء، قاله الحسن، وعطاء.
والثاني: أنه خاص في البكرين إِذا زنيا، قاله أبو صالح، والسدّي، وابن زيد، وسفيان. قال القاضي أبو يعلى: والأول أصح، لأن هذا تخصيص بغير دلالة.
قوله تعالى: {يأتيانها} يعني الفاحشة. قوله: {فآذوهما} فيه قولان:
أحدهما: أنه الأذى بالكلام، والتعيير، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والسدي، والضحاك، ومقاتل.
والثاني: أنه التعيير، والضرب بالنعال، رواه ابن أبي طلحة، عن ابن عباس. {فان تابا} من الفاحشة {وأصلحا} العمل {فأعرضوا} عن أذاهما. وهذا كله كان قبل الحد.
فصل:
كان حد الزانيين، فيما تقدم، الأذى لهما، والحبس للمرأة خاصة، فنسخ الحكمان جميعا، واختلفوا بماذا وقع نسخهما، فقال قوم: بحديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، الثَّيِّب بالثَّيب جلد مائة، ورجم بالحجارة، والبكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة» وهذا على قول من يرى نسخ القرآن بالسنة.
وقال قوم: نسخ بقوله: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} [النور: 2] قالوا: وكان قوله: {واللذان يأتيانها} للبكرين، فنسخ حكمهما بالجلد، ونسخ حكم الثيّب من النساء بالرجم.
وقال قوم: يحتمل أن يكون النسخ وقع بقرآن، ثم رفع رسمه، وبقي حكمه، لأن في حديث عبادة «قد جعل الله لهن سبيلا» والظاهر: أنه جعل بوحي لم تستقر تلاوته. قال القاضي أبو يعلى: وهذا وجه صحيح، يخرج على قول من لم ينسخ القرآن بالسنة. قال: ويمتنع أن يقع النسخ بحديث عبادة، لأنه من أخبار الآحاد، والنسخ لا يجوز بذلك.


قوله تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة} قال الحسن: إِنما التوبة التي يقبلها الله. فأما {السوء} فهو المعاصي، سمي سوءاً لسوء عاقبته.
قوله تعالى: {بجهالة} قال مجاهد: كل عاصٍ فهو جاهل حين معصيته. وقال الحسن، وعطاء، وقتادة، والسدي في آخرين. إنما سُمّوا جهالاً لمعاصيهم لا أنهم غير مُميّزين.
وقال الزجاج: ليس معنى الآية أنهم يجهلون أنه سوء، لأن المسلم لو أتى ما يجهله، كان كمن لم يوقع سوءاً، وإنما يحتمل أمرين.
أحدهما: أنهم عملوه، وهم يجهلون المكروه فيه.
والثاني: أنهم أقدموا على بصيرة وعلم بأن عاقبته مكروهة، وآثروا العاجل على الآجل، فسموا جُهَّالاً، لإِيثارهم القليل على الراحة الكثيرة، والعاقبة الدائمة.
وفي القريب ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه التوبة في الصحة، رواه أبو صالح، عن ابن عباس، وبه قال السدي، وابن السائب.
والثاني: أنه التوبة قبل معاينة ملك الموت. رواه ابن أبي طلحة، عن ابن عباس، وبه قال أبو مجلز.
والثالث: أنه التوبة قبل الموت، وبه قال ابن زيد في آخرين.


قوله تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات} في السيئات ثلاثة أقوال.
أحدها: الشرك، قاله ابن عباس، وعكرمة. والثاني: أنها النفاق، قاله أبو العالية، وسعيد بن جبير. والثالث: أنها سيئات المسلمين، قاله سفيان الثوري، واحتجّ بقوله: {ولا الذين يموتون وهم كفار}.
قوله تعالى: {حتى إِذا حضر أحدَهم الموتُ} في الحضور قولان:
أحدهما: أنه السَّوْق، قاله ابن عمر.
والثاني: أنه معاينة الملائكة لقبض الروح، قاله أبو سليمان الدمشقي. وقد روى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس أنه قال: أنزل الله تعالى بعد هذه الآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به} الآية [النساء: 116]. فحرّم المغفرة على مَن مات مشركاً، وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة. فعلى هذا تكون منسوخة في حق المؤمنين.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9